https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

لعل اكبر خسارة يمنى بها الغرب جراء السلوك الاسرائيلي المتعجرف والاهوج ، تتجلى في الشرخ العميق الذي اصاب قيم الديمقراطية وحرية التعبير التي تتغنى بها الحضارة الغربية . فعلى امتداد القرن الماضي ، قدم الغرب نفسه على انه انموذج للديمقراطية والحرية، والحصن المنيع للحريات الفردية وحقوق الانسان . وكانت واضحة ازدواجية الغرب في تطبيق تلك القيم : فالحرية وحقوق الانسان تطبق حصرا على مواطني الدول الغربية ، اما بقية البشر ،فلهم القمع والعبودية والاستعمار والقتل والتهجير .
لكن مظاهرات الغضب والتنديد التي انفجرت خلال الشهور الماضية في شوارع الغرب وجامعاته احتجاجا على جرائم اسرئيل في غزة، دفعت كثيرا من الاوساط الغربية الحاكمة الى التضحية بقيم حرية التعبير والديمقراطية في التعامل مع مواطنيها ،كرمى لعيون اسرائيل !
وشاشات العالم وصحفه مليئة بصور القمع الهمجي الذي تمارسه الشرطة الغربية ضد مثقفي بلادهم .فهراوات القمع تنهال على جميع المحتجين ، وهي لا تفرق بين طالب واستاذ ، وبين عامل وعالم ، وبين امراة اوطفل . كل من يرفع صوته ضد محارق اسرئيل في غزة ، بات هدفا لقمع اجهزة الامن الامن الغربية ، وكل من يتجرأ على معارضة سياسة الارض المحروقة الاسرائيلة ، اصبح مهددا بالطرد من عمله وحرمانه لقمة عيشه ،وكل من ينتقد مجرمي الحرب الاسرائيليين ، بات معاديا للسامية !
لقد ضاقت مساحات الحرية في الشوارع الغربية بشكل لا يطاق ، وتبخرت قيم حقوق الانسان والعدالة من حديث معظم سياسين الغرب ، وطغت نغمة واحدة عليهم هي: مساندة اسرائيل ،وغض الطرف عن جرائمها ،وقلب الحقائق لتقديم القاتل الاسرائيلي على انه ضحية !
وضحايا القمع الغربي ليسوا هذه المرة من سكان افريقيا واسيا وامريكا اللاتينة ، انهم مواطنون غربيون ولدوا هناك ،ودرسوا قيم العدالة والحرية في المدارس الغربية ، وتربوا على ان قوانين بلادهم تكفل لهم حرية التعبير.وهم لا يفهمون ، كيف باستطاعتهم انتقاد حكامهم بسهولة ويسر ، وممنوع عليهم فعل ذلك فيما يتعلق بدولة اجنبية هي اسرائيل ! ولماذا تسارع اجهزة شرطتهم الى كم افواههم ومنعهم من ادانة سياسة التجويع والقتل التي تمارسها اسرائيل بحق لاطفال في غزة ؟
قناعتي ، ان ما يحدث الان في الغرب ، هي صحوة حقيقية ضد الفجور الاسرائيل ، وضد الركوع الغربي المهين امام العنجهية الاسرئيلية، وضد سيطرة الاكاذيب الصهيونية على الوعي الغربي .انها هزة عنيفة ، وبداية انقلاب ضد الهيمنة الصهيونية شبه المطلقة في الغرب .و تضحية الاوساط الغربية بقيم الحرية والعدالة لممالئة اسرئيل ، واللجوء الى القمع والترهيب ضد منتقديها ، سيفتح على اسرائيل ومسانديها صندوق الشرور في معظم الدول الغربية .
30/4 /2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 + 9 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube