https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

هناك مخاوف حقيقية تلوح في الأفق بشأن مستقبل العلاقة بين حلف شمال الأطلسي الناتو وقوات الأمن الأفغانية، وخاصة عقب قيام جندي أفغاني الأسبوع الماضي بقتل مسؤولين اثنين من قوات الناتو داخل مقر وزارة الداخلية الأفغانية.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها جنود أفغان بتوجيه أسلحتهم تجاه القوات الأمريكية والغربية في أفغانستان.

وعلمت بي بي سي ان الشخص الذي تم توجيه الاتهام إليه في هذا الحادث، ويدعى عبد الصبور، كان يجب ألا يحمل تصريحا أمنيا من الأساس.

فقد أدت سلسلة من الأخطاء الأمنية الفادحة مؤخرا إلى مقتل الامريكيين، وبالتالي هروب عبد الصبور.

وهذا الحادث هو الأحدث في سلسلة طويلة من الحوادث التي وجه فيها أفراد في قوات الأمن الأفغانية سلاحهم نحو قوات التحالف والمسؤولين الذي يشعرون بالعجز عن وقفهم بالرغم من آليات التأمين المحكمة التي يفترض أنها تطبق.

وتزايد القلق بشأن هذا الأمر بين المسؤولين الامريكيين والاطلسيين بدرجة كبيرة جعلت الثقة بينهم وبين مسؤولي الأمن والجيش الأفغاني تنحدر لأقل مستوى لها بشكل لم يسبق له مثيل.

ويخشى الكثيرون أن تتأثر العلاقات الاستراتيجية بعيدة المدى بين الجانبين.

وتظهر وثائق وزارة الداخلية الأفغانية أن عبدالصبور تم فصله مرتين من قبل الشرطة لأنه في إحدى هاتين المرتين دخل في شجار مع زملائه، وفي مرة أخرى أظهر سلوكا عدوانيا ضدهم.

ولكن مع هذا، كان لا يزال قادرا على الحصول على تصريح أمني عندما تم تعيينه للمرة الثالثة من قبل الشرطة للعمل كسائق في وزارة الداخلية.

انهيار غير قابل للعلاجوقال مسؤول عسكري غربي في أفغانستان “كان ينبغي ألا يعمل هذا الشخص ظابطا للشرطة بجهاز المخابرات أبدا. وكان ينبغي ألا يعطى تصريحا أمنيا أبدا.”

وغالبا تقع الحوادث التي يقوم فيها الأفغان بتوجيه أسلحتهم نحو نظرائهم الغربيين بشكل أسبوعي تقريبا، فقبل هذا الحادث الذي وقع بوزارة الداخلية الأفغانية، أطلق جندي أفغاني النار على جنديين أمريكيين وقتلهما خلال احتجاجات عند قاعدة عسكرية للناتو في شرق مقاطعة نانغرهار الأفغانية.

ويوم الخميس، قتل جنديان أمريكيان أخران بالرصاص في جنوب البلاد، وقال الناتو أن أحد الرجال الذين أطلقوا النار كان مرتديا زيا للجيش الأفغاني.

وقتل أكثر من 70 من قوات حلف الناتو من قبل زملائهم الأفغان في السنوات الأخيرة مما أدى إلى ما يقول بعض الدبلوماسيين إنه انهيار للثقة غير قابل للعلاج بين الجانبين.

وبالرغم من أن قائد قوات الناتو في أفغانستان الجنرال جون ألين قال إنه لا يزال مستعدا لدخول مقر وزارة الداخلية في كابول دون سلاح، إلا أن هناك عدد قليل فقط من العسكريين الذين لديهم نفس الثقة بزملائهم الأفغان، والذين يستمر بعضهم في استقبال رسائل دعائية من طالبان على هواتفهم النقالة.

إلا أن الحقيقة الصارخة هي أن قوات الناتو تشعر بالقلق الآن ويصيب أفرادها الاضطراب في أي وقت يكونون فيه مع زملائهم الأفغان.

وقد أجرت بي بي سي بحثا حول الأمر الذي أدى إلى إطلاق النار بوزارة الداخلية الأفغانية يوم السبت، وهو يشرح الأسباب وراء ذلك بوضوح.

وتشير وثائق الشرطة الأفغانية – التي اطلعت بي بي سي عليها – إن إجراءات تعيين الأفراد وفحص بياناتهم من أجل الالتحاق بالجيش الأفغاني وقوات الأمن معيبة للغاية، ولدرجة تجعل أي جهد لتحسينها بمثابة أمرا شاقا ويستغرق وقتا طويلا.

ويشعر المسؤولون الغربيون ونظرائهم الأفغان بحالة من اليأس بشأن كيفية تمكن عبد الصبور من تجاوز الأمن بهذه السهولة إلى مكان يفترض أنه تتوفر فيه أعلى درجات الحماية الأمنية، وكيف تمكن كذلك من تنفيذ عملية القتل.

ويعتبر هذا الحادث على ما يبدو ردا انتقاميا لقيام بعض الجنود الأمريكيين بحرق نسخ من المصحف بإحدى قواعدهم العسكرية.

وقال ضابط رفيع المستوى في مديرية الأمن الوطني لبي بي سي “هناك عدد من الأخطاء الأمنية الخطيرة، وأول شيء تقوم به عندما يقع مثل هذا الحادث هو أن تقوم بعزل المبنى، واعتقال جميع من فيه، وحتى الشهود. لكن هذا الإجراء لم يتم تنفيذه في هذا الحادث.”

وقال إن هذا سمح للقاتل بعبور ثلاث نقاط أمنية تحيط بالوزارة.

وإذا لم يكن هذا أمر يثير القلق في حد ذاته بالشكل الكافي، فإن الحادث يوضح أيضا أن هناك أخطاء خطيرة في عملية التحقق من بيانات الجنود الأفغان ورجال الشرطة.

والعديد من ذلك يخص عملية تعيين الأفراد في الأساس، فالعديد من الموظفين المحتملين يحملون هويات مزيفة، ويقدمون بيانات وهمية بخصوص الأفراد الذين يمكن الرجوع إليهم، وكذلك تكون لهم توقيعات مزيفة.

والسؤال المطروح الآن هو كم عبد الصبور يمكن أن يكون موجودا الآن؟

سلوك عدوانيوتعد الوثائق الأمنية التي اطلعت عليها بي بي سي غير مطمئنة إلى حد كبير. فهي تشير إلى أن عبد الصبور تم فصله مرتين من الشرطة الوطنية الأفغانية بسبب “سوء السلوك”.

وتسائل أحد الضباط المكلفين بالتحقيق: “كيف نجح في الحصول على موافقة للالتحاق بقسم الاستخبارات في جهاز الشرطة؟”

“ومن الذي أعطاه التصريح الأمني ليتم نشره في مثل هذا المكان الحساس مع أن له مثل هذا السجل المهني؟”

ويبدو أن هذا السؤال لن تتم الإجابة عنه، فهناك لعبة تبادل اللوم والتي تتم الآن بين وزراء الحكومة بشأن من هو المسؤول عن ذلك الحادث.

ويقول أقارب عبد الصبور إنه نجح في كسب ثقة الوزير السابق للداخلية حنيف أتمار، وذلك بعد عودته من مدرسة دينية في باكستان عام 2007 للعمل في الوزارة كعامل لتقديم المشروبات.

وتقول مصادر في وزارة الداخلية إن اثنين من كبار المساعدين لوزير الداخلية آنذاك حنيف أتمار كانا ضامنين له عندما عبر عن رغبته في تطوير وظيفته والالتحاق بالشرطة.

وقد أنكر أتمار أية علاقة له بعبد الصبور، وقال إنه فٌصل من العمل فقط بعد أربعة أشهر بالوزارة.

وقال أيضا إن الأولوية الآن هي الوصول إلى الطريقة التي تمت بها إعادته إلى العمل، ومن الشخص الذي أعطاه هذا التصريح الأمني.

وتعد مثل هذه الإجراءات والأخطاء غير الرسمية أمرا شائعا في الوزارات الحكومية والمكاتب العامة في أفغانستان.

ويقول دبلوماسيون غربيون إن المشكلة يمكن فقط أن تحل إذا تم أولا القضاء على المشكلات الرئيسية وطويلة الأمد، مثل المحاباة، والفساد، والعلاقات الشخصية في العمل، والمحسوبية.

ويقولون أيضا إن الصراع الدائر بين مديرية الأمن الوطني –الذراع الاستخباراتية الرئيسية في البلاد – ووزارة الدفاع تحتاج إلى حل كذلك.

ويقول مسؤولون أفغان وغربيون إن قائد الشرطة المسؤول عن أمن وزارة الداخلية شيرين أغا هو المسؤول عن تعيين الأفراد.

ويقولون أيضا إن أغا تربطه علاقة نسب بوزير الداخلية الحالي.

ومع أن عبد الصبور كان يعمل فقط حارسا وسائقا لدى أغا، إلا أنه كان يسمح له بدخول معظم الأماكن الحساسة بالوزارة حيث يتم التخطيط والتحكم في الحملات الأمنية الليلية، وعمليات مكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات.

وقال دبلوماسي غربي “رغم كون ذلك مؤلما، إلا أنه الواقع الذي يقول إن هناك مجموعة من المشاكل التقليدية والأخطاء الخطيرة التي سمحت لعبد الصبور بدخول وزارة الداخلية. إنه نمط يتكرر بشكل مؤسف في جميع أنحاء البلاد.”

بي بي سي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × 2 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube