عقب سلسلة من الاجتماعات السرية تمكن وفدا حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) توقيع على اتفاق لتحقيق المصالحة الفلسطينية مساء يوم 27 ابريل الحالي في القاهرة.كما اتفقت الحركتان على تشكيل حكومة انتقالية مستقلة، وإجراء انتخابات وإنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني منذ عام 2007. وقد أثار هذا الحدث التاريخي رد فعل إسرائيلي قوي.ويعتقد بعض المحللون أن للمصالحة الوطنية الفلسطينية معنى كبير داخليا، إلا أن التوقعات لا تزال من الصعب التنبؤ بها.
قال عزام الأحمد رئيس وفد فتح إلى القاهرة أن فتح وحماس اتفقتا على تشكيل حكومة انتقالية وانتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون 8 أشهر،وإرسال جامعة الدول العربية مراقبين لمراقبة تنفيذ الاتفاق.ومن جانبه، قال مسؤول رفيع المستوى من حركة حماس، أن فتح وحماس وقعتا بالأحرف الأولى على الاتفاق،وأمكن التغلب على كل نقاط الخلاف.وقالت مصادر أخرى أن فتح وحماس ستوقعان اتفاق رسمي في غضون أسبوع، بحضور رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس وزعيم حماس السياسي خالد مشعل.
لا توصل حركتا فتح وحماس إلى اتفاق شامل وتسوية يدل على مساهمات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس التي لا يمكن نكرانها.حيث سعى هذا الأخير إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية الداخلية طيلة السنوات الأخيرة، خاصة بعد إعلان إعادة هيكلة الحكومة الفلسطينية،كما دعا مرارا وتكرارا تشكيل حكومة جديدة تتضمن أعضاء من حركة حماس،وأعرب عدة مرات عن رغبته في التفاوض مع حركة حماس في غزة.بالإضافة إلى ذلك،فإن الفوضى الحالية في الشرق الأوسط تؤثر إلى حد ما على سيطرة حركة حماس في قطاع غزة،مما أدى إلى النظر بجدية في عملية المصالحة مع حركة فتح.كما أن المصالحة الفلسطينية هي منطقية في ظل توفر جميع الظروف الداخلية والخارجية.
ويعتقد المحللون أن توصل حركتي فتح وحماس إلى اتفاق شامل فتح فصلا جديدا في التاريخ الفلسطيني، وذات أهمية كبيرة في تعزيز قيام الدولة الفلسطينية.ومنذ توقف محادثات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية في سبتمبر العام الماضي، تقدم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس نحو دعوة العالم إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعملية المصالحة الفلسطينية الداخلية. وفي الوقت الحاضر، يتزايد عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية المستقلة بشكل كبير،وحققت السياسة الخارجية نتائج جيدة.وفي ظل هذا الوضع، فإن المصالحة الفلسطينية الداخلية ستوحد الأحزاب السياسية الفلسطينية ،ومما لا شك فيه فإن هذه الأخيرة ستكون دافعا قويا في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.بالإضافة إلى ذلك،فإن الوحدة الفلسطينية تجلب آمالا جديدة في تحقيق التنمية الفلسطينية وتحسين مستوى معيشة الشعب الفلسطيني.
لكن،أشار بعض المحللين إلى أنه على الرغم من توصل حركة فتح وحماس إلى تفاهم وحل كل القضايا العالقة،إلا أنه لا يزال هناك قلق في تحقيق المصالحة الفلسطينية على المدى الطويل.
أولا، من وجهة نظر الفلسطينيين في الداخل
يرى الفلسطينيون أن المصالحة الحقيقية بين حركتي فتح وحماس لا تتم إلا بتنفيذ بنود الاتفاق والقيام بالانتخابات التشريعية الفلسطينية والانتخابات الرئاسية خلال هذا العام.وفي هذا السياق،فإنه من الصعب تحديد مقدار” حسن النية ” التي تتضمنه اتفاقية الصلح.لقد شكلت فتح وحماس حكومة ائتلافية في عام 2006،ولكن بعد أن استولت حماس على السلطة في قطاع غزة عام 2007،ظهر انقسام ومشاكل عديدة بين الحركتين.وهذا المفروض يكون “درسا” للمصالحة الحالية. بالإضافة إلى ذلك،فإنه حتى ولو وقع الجانبان اتفاق التسوية رسميا،والتوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا الرئيسية،إلا أن لتشكيل حكومة، وتقاسم السلطة سيواجهان حتما صراعات أخرى،وخصوصا بعد الانتخابات،حيث أن إمكانية قبول الجانبين نتائج الانتخابات بصدر رحب ووفقا لمبدأ المصلحة المشتركة لحل النزاعات لا يزال غير معروف.
ثانيا، ردود فعل إسرائيلية اتجاه المصالحة بين فتح وحماس شديدة جدا
في أول رد فعل إسرائيلي على توصل حركتي فتح وحماس لاتفاق مصالحة قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنه على السلطة الفلسطينية الاختيار بين السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس.وأنه لا يمكن الحصول على السلام مع الطرفين لأن حماس تسعى للقضاء على إسرائيل وتقول ذلك علنا.وقال المتحدث باسم حزب الليكود أن المصالحة بين فتح وحماس يثبت أن “الفلسطينيين لا يريدون السلام.”
على الرغم من أن الموقف الفلسطيني كان شديدا اتجاه رد فعل الجانب الإسرائيلي،واعتبرت المصالحة بين الحركتين شأن فلسطيني داخلي،وأن المصالحة ستنهي الاحتلال الإسرائيلي،إلا هذا لا يعني أن السلطة الفلسطينية لديها الشجاعة في التخلي عن محادثات السلام مع إسرائيل تماما.لذلك،فإن معارضة إسرائيل للمصالحة الفلسطينية جلت قلقا حول آفاق هذه المصالحة.
ثالثا، نظرة البلدان الغربية إلى المصالحة بين حركتي فتح وحماس
تعتبر نظرة المجتمع الدولي ولا سيما البلدان الغربية إلى المصالحة بين حركتي فتح وحماس هو عامل مؤثر آخر في آفاق المصالحة. ففي عام 2006،بعد تشكيل حركتي فتح وحماس حكومة ائتلافية علقت الولايات المتحدة مساعداتها المالية للسلطة، حيث تعتبر حركة حماس منظمة ” إرهابية”،وهذا من الصعب ضمان عدم حدوثه مرة أخرى.ومن ثم،فإذا أدى هذا إلى خلافات بين الفصائل الفلسطينية،فإن أفق الوحدة الوطنية يبقى غامضا.
الشعب الصينية