https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

أحد ضحايا فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو بدون شك قوة أميركا الناعمة في جميع أنحاء العالم. وهو التطور الذي سوف يكون من الصعب -وربما من المستحيل- عكسه، وخاصة بالنسبة لترامب. تقليديا، كانت تُقيَم القوة السياسية العالمية للبلدان وفقا لقوتها العسكرية: وكانت البلاد التي تتوفر على أكبر جيش تعتبر أكبر قوة. لكن هذا المنطق لم ينعكس دائما على أرض الواقع. فقد خسرت الولايات المتحدة حرب فيتنام. وهُزم الاتحاد السوفياتي في أفغانستان. وفي السنوات القليلة الأولى في العراق، اكتشفت الولايات المتحدة حكمة القول المأثور للدبلوماسي الفرنسي تاليران أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن القيام به بواسطة حربة هو الجلوس عليها. في عالم الاتصالات الجماعية الفورية، يتم الحكم على الدول من قبل المجتمع الدولي الذي يتغذى بأنظمة إخبارية متنوعة على الانترنت، وأشرطة الفيديو الذكي وتويتر. أُدخُل عالم القوة الناعمة. وقد صاغ هذا المصطلح جوزيف س. ناي من جامعة هارفارد في عام 1990 لتفسير نفوذ الدولة بالإضافة إلى قوتها العسكرية ( أو الصلبة)- وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة -. كما قال ناي، وتعني السلطة في أي بلد “القدرة على تغيير سلوك الآخرين” للحصول على ما يريد، سواء عن طريق الإكراه (العصي)، أو المدفوعات (الجزر)، أو الجاذبية (القوة الناعمة). وأضاف: “إذا كنت قادرا على جذب الآخرين”، “يمكنك الاقتصاد في العصي والجزر”. يقول ناي إن القوة الناعمة لأي دولة تنشأ من “ثقافتها (في الأماكن التي هي جذابة للآخرين)، ومن قيما السياسية (عندما ترقى لمستواهم هم في الداخل والخارج)، ومن سياستها الخارجية (حين تكون لديها مشروعية وسلطة أخلاقية) “لكنني أعتقد أن القوة الناعمة تنبع أيضا من تصورات العالم حول بلد ما: الأفكار والمواقف المتراكمة حوله حين يُذكر اسمه البلد. وتُمارس القوة الصلبة. وتُثار القوة الناعمة. الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم وأقدم ديمقراطية، وهي ملاذ للمهاجرين، وأرض الحلم الأمريكي -حيث أي شخص يمكن أن يصبح ناجحا إذا كان يعمل بجد بما فيه الكفاية. بل هي أيضا موطن شركة بوينغ وإنتل وغوغل وأبل ومايكروسوفت و”MTV”، وهوليوود وديزني لاند، وماكدونالدز وستاربكس- باختصار، هي موطن علامات تجارية وصناعات مميزة لها تأثير هائل في العالم. وتكمن جاذبية هذه الأصول، ونمط الحياة الأمريكية التي تمثلها، في كونها تُمكن الولايات المتحدة من الإقناع، بدلا من الإجبار، ويختار البعض الآخر أن يقر جدول أعمالها. وبهذا المعنى، تعمل القوة الناعمة كبديل ومكمل للقوة الصلبة. ولكن للقوة الناعمة حدود، حتى في أمريكا. في أعقاب الهجمات الأمريكية الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، كان هناك تدفق للنوايا الحسنة للولايات المتحدة. ثم بدأت البلاد حربها على الإرهاب، الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على القوة الصلبة. ولم يستسغ المجتمع الدولي وسائل تلك السلطة؛ غزو العراق واحتجاز إلى أجل غير مسمى “المقاتلين الأعداء” وغيرهم من المشتبه بهم في سجن غوانتانامو، وفضيحة أبو غريب، كشف “المواقع السوداء” لوكالة المخابرات المركزي، وقتل المدنيين العراقيين من قبل المتعاقدين الأمنيين من القطاع الخاص الأميركي. وكانت أصول القوة الناعمة الأميركية غير كافية للتعويض عن أوجه القصور في نهج قوتها الصارمة. وكانت الجماهير المتعاطفة مع الثقافة الأمريكية غير مستعدة للتغاضي عن تجاوزات غوانتانامو. فاستخدام مايكروسوفت ويندوز لا تهيؤك لقبول التعذيب من قبل الدولة التي تنتجه. وانخفضت قوة أميركا الناعمة بشكل حاد، مما يدل على أن الطريقة التي تُمارس بها القوة الصارمة تؤثر على مدى فعالية القوة الناعمة بشكل سلبي. وسرعان ما تغلب السرد المحلي في أميركا على نكسات سياستها الخارجية، وذلك جزئيا بفضل التواصل الغير مسبوق اليوم. في عالم الاتصالات الجماعية الفورية، يتم الحكم على الدول من قبل المجتمع الدولي الذي يتغذى بأنظمة إخبارية متنوعة على الانترنت، وأشرطة الفيديو الذكي وتويتر. في دولة تحث الآخرين على الممارسة الديمقراطية تم انتخاب رئيس قال إنه إذا خسر لن يعترف بالنتيجة. وقد كتب ناي، في عصر المعلومات هذا، أنه من المرجح أن تكسب ثلاثة أنواع من الدول القوة الناعمة: “تلك التي تتوفر على ثقافات ومُثل عليا سائدة قريبة إلى المعايير الولية (التي تؤكد الآن على الليبرالية والتعددية والاستقلالية. تلك التي لديها قنوات الاتصال المتعددة، وبالتالي المزيد من التأثير على كيفية تأطير القضايا؛ وتلك التي لها مصداقية تُعزز أداءها المحلي والدولي. “وقد نجحت الولايات المتحدة بشكل جيد على جميع هذه الجبهات. في الواقع، وصلت ثقافة أميركا ومُثلها العليا إلى مستوى رفيع، واعتمدت مصداقيتها الدولية على ترتيباتها الداخلية. واستطاعت التغلب على قرون من العبودية والعنصرية بانتخابها رئيسا أسود في عام 2008 ومرة أخرى في عام 2012، مما يجسد قدرة البلاد على إعادة تجديد نفسها. صعود ترامب إلى السلطة حطم تلك الصورة وشجع ميولات لم تشهدها الولايات المتحدة: كراهية الأجانب، كره النساء، والتشاؤم، والأنانية. وندد القادة السياسيون بنظام يَعِد بتكافؤ الفرص للجميع من أجل تحقيق طموحاتهم، مُحبطا تطلعات المواطنين العاديين. وفي دولة تحث الآخرين على الممارسة الديمقراطية تم انتخاب رئيس قال إنه إذا خسر لن يعترف بالنتيجة. وأكد ناي أنه في عصر المعلومات، تتراكم القوة الناعمة في كثير من الأحيان في البلاد الذي تمتاز بقصة أفضل. ولقد كانت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة ” ذات قصة أفضل.” لديها صحافة حرة ومجتمع منفتح. ترحب بالمهاجرين واللاجئين؛ وتتعطش لأفكار جديدة ومواهب الإبداع. وقد أعطى كل هذا للولايات المتحدة قدرة خارقة للعادة لسرد القصص التي هي أكثر إقناعا وجاذبية من منافسيها. ولكن قد خفضت قصة هذه الانتخابات الأمريكية بشدة القوة الناعمة. واستبدل الأمل بالخوف. وأصبح الحلم الأمريكي كابوسا على العالم. وستستمر الشياطين في الصعود من صندوق باندورا في عام 2016 – مع تقارير حول استعمال العنصرية من قبل أنصار ترامب -وتشويه الآخرين أيضا. في نظرنا، فإن أميركا لن تظل هي نفسها- ولم يبدأ بعد حكم ترامب . شاشي ثارور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 − 2 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube