https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png
الطريقة التي تمت فيها على اقنية التلفزيون المصرية (الرسمية والخاصة) لأول مرة بعد ثورة 25 يناير إعادة استعــراض حقائق جديدة عن حرب اكـتوبر في ذكراها الثـامنة والـثلاثين، جعــلتنا نشعر، أكثر مما شعرنا في اي يوم سابق، انه آن الأوان، بعد سقوط انظمة الثورة المضادة في مصر، لإعادة كتابة التاريخ الحقيقي لحرب اكتوبر 1973، بما تستحقه من موضوعية، سواء في دقة وشمول المعلومات، او في التحاليل السياسية الموضوعية لبدايات ونهايات هذه الحرب.
فالذي كان يحدث بالنسبة لحرب اكتوبر، منذ وقوعها، انها تحولت في ايدي السلطات الحاكمة في القاهرة، من عهد انور السادات، الى عهد حسني مبارك، الى رواية مطاطة، يعيد كل عهد صياغتها ثم روايتها ثم الترويج لها، وفقاً لأغراض إعلامه السياسي.
ففي عهد انور السادات، اولاً، تم قـبل اي شيء إلغاء العــلاقة الوثـيقة المؤكدة والواضحة بين حرب الاستنزاف من جهــة، وإعـادة بناء القوات المسلحة المصرية بأسلوب عصري خلالها، وبين حرب العبور، التي كانت في حقيقتها حلقة متقدمة من حلقات حرب الاستنزاف.
بعد ذلك اختزلت كل بطولات الحرب، لقطاعات القوات المسلحة المصرية الجوية والبرية والبحرية كلها، في موقع إصدار القرار السياسي بالحرب، لماذا؟ لأن انور السادات كان هو صاحب القرار، ولأن المطلوب كان حصر بطولات الحرب في موقع إصدار القرار.
اكثر من ذلك، وبدل ان تؤدي القيادة السياسـية في عـهد انور السادات، الى تحويل النتائج العسكرية لحرب اكتوبر الى رد سياسي على هزيمة 1967، وتجسيداً للاءات الثلاث الشهيرة التي تمخـضت عنها (لاصلح، لا مفاوضات، لا اعتراف)، فقد تم تحويل النتـائج العسكرية لحرب اكتوبر، لتكون مقدمة صالحة لتغطية الانحراف الخطير الذي تمثل في اتفاقيات كامب دافيد، التي اخرجت مصر من الصراع العربي – الاسرائيلي نهائياً، واكتفت باستعادة سيناء منزوعة السيادة الوطنية.
بعد اغتيال السادات، وانتقال سدة الحكم في القاهرة الى نائبه، القائد السـابق للقـوات المـصرية الجـوية، اصـبح مطلـوباً التـحول بكل تفاصيل حـرب اكتـوبر، لتـبرز على رأسـها الضـربة الجـوية الأولى لسلاح الجو المـصري، وكأنه الحـدث الأبرز والأهـم في الحــرب، او كأنها الحدث الذي كان مسؤولا بشكل اساسي عن تحديد نتيجة الحرب.
وهكذا، وبعد ان كان بطل حرب اكتوبر الأعظم هو مصدر القرار، وصاحب خطة الخداع الاستراتيجي (اي انور السادات)، اصبح البطل الأعظم للحرب هو قائد الضربة الجوية الاولى، في تحول إعلامي دعائي مبتذل ومكشوف.
وفي كلا الصيغتين المشوهتين لحرب اكتوبر، تراجعت كل البطولات الجماعية والفردية التي صنعت نتيجة الحرب، وتراجعت كل قصص العبقرية العسكرية المصرية، التي تجلت في إنجازات كثير من الضباط، من مختلف الرتب. ولعل اشهر من دفع ثمن هذه التحولات في الصيغة الدعائية والإعلامية لحرب اكتوبر، كان الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس اركان القوات المسلحة يومها، الذي خالف السادات في قرار وقف الحرب قبل الوصول الى ممرات سيناء، ودفع ثمن موقفه عزلاً واضطهاداً في عصر السادات، وسجناً وتجريداً من كل رتبه العسكرية في عصر مبارك.
طبعاً، لم يكن الفريق الشاذلي الضحية الوحيدة لعملية التبدل والتحول في رواية مجريات حرب اكتوبر، وفقاً للمصالح الدعائية للسلطة الحاكمة في القاهرة، لكن الشاذلي يمثل هنا مجرد نموذج يؤكد لنا ان هذا الحدث العسكري العربي المجيد، اصبح بعد ثورة 25 يناير، بحاجة الى إعادة سرد واقعي وشامل وموضوعي لجميع تفاصيل أحداثه العسكرية، وتحليل موضوعي لجميع القرارات السياسية المتعلقة بأحداث حرب اكتوبر وما تبعها حتى اتفاقيات كامب دافيد، حتى تحتفظ الأجيال العربية الحالية والقادمة بصيغة محترمة وعلمية عن حرب اكتوبر، بعيداً عن رؤية وزارات الإعلام المختلقة، من عهد انور السادات الى عهد حسني مبارك.
المصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × ثلاثة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube