https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

مع بداية موسم العودة إلى المدارس مطلع أيلول (سبتمبر)، واجه المجتمعالروسي مشكلة في تلبية احتياجات الطلاب، واضطرت العائلات الروسية إلى تقليصالإنفاق المدرسي بنسبة 26 في المئة مقارنة بعام 2015، إذ بلغ متوسطالإنفاق للعائلة 15 ألف روبل (234 دولاراً) مقارنة بـ 21 ألف روبل العامالماضي، وفق دراسة أعدها مركز «عموم روسيا لاستطلاع الرأي العام». وخلافاًلمعادلة «التكافل الاجتماعي» المعتمدة في روسيا، تراجع عدد العائلات التيأبدت استعداداً للمساهمة في «المدفوعات الطوعية» بما يزيد على الضعفين. وإذا كان المركز عزا أسباب تقليص «الإنفاق المدرسي» إلى زيادة مستوى الدعمالمالي الذي تقدمه الحكومة للمدارس، أكد محللون اجتماعيون واقتصاديون السببالأهم، أي تراجع دخل المواطنين وتأثير تداعيات الأزمة المالية والاقتصاديةعلى المسـتوى المعيشي للعائلة الروسية، خصوصاً تراجع قيمة صرف الروبل،وأشارت دراسات إلى ان نحو نصف العائلات الروسية يشــكو تدهور وضعهالاقتصادي، فضلاً عن صعوبات في سوق العمل، وتراجع قيمة الراتب الشهري،وتأخر تسديد بعض الأجور، حتى أن العائلات التي تصنف في روسيا من ضمن الفئاتالاجتماعية التي تتمتع بامتيازات وتحصل على خدمات بأسعار مخفــضة منالدولة، ليست أفــضل حــالاً، ويرى خبراء في الشؤون الاجتــماعية (صــحيفة «فيدوموستي» الروسية) أن 45 في المئة من العائلات التي يعيش ضمنها طفلواحد، ونحو 55 في المئة من العائلات التي يعيش ضمنها طفلان وأكثر، لم تتمكنمن تسديد تكاليف الخدمات العامة مثل الماء والكهرباء والغاز. ومع تدهور الوضع الاقتصادي وبطء مسيرة التنمية، يزداد عدد الفقراء، ويعانيالمجتمع الروسي تفاوتاً طبقياً لجهة الدخل، وصفت نائب وزير المال تاتيانانيستيرينكو الفقر بأنه أحد التحديات الرئيسة التي تواجهها روسيا»، وأكدت «ضرورة العمل لاستئصال هذه الظاهرة». وتبدو خطورة تداعيات الفقر، أن الأكثرفقراً هم من العائلات الشابة التي تضم طفلين، وتشكل نحو 35 في المئة منالفقراء في روسيا. هذا نموذج من الشعب الروسي الذي يدفع ثمناً غالياً لتداعيات نتائج الإدارةالسياسية بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين للأزمات المالية والاقتصاديةوالاجتماعية الناتجة من الأزمة الأوكرانية والمقاطعة الأوروبية والأميركية،وتراجع أسعار النفط وعائداته وتأثيره على مالية الدولة واحتياطات المصرفالمركزي، وتزايد الإنفاق العسكري على تدخل روسيا في الأزمة السورية دعماًلنظام الرئيس بشار الأسد، فضلاً عن تدهور سعر صرف الروبل وتأثيره في مستوىالمعيشة. أما أثرياء روسيا، وحرصاً منهم على تجنب الخسائر والحفاظ على قيمة ثرواتهم،فعمدوا إلى تهريب أموالهم إلى خارج البلاد، ومع تطورات الأزمة الكوريةوعقوبات المقاطعة، سجل عام 2014 هروباً قياسياً لرؤوس الأموال من روسيا بلغ 151.5 بليون دولار، واستمرت عمليات الهروب، ولكن بمبالغ أقل، مسجلة فقطنحو 57 بليون دولار في 2015، ثم تراجعت في النصف الأول من العام الحالي إلىنحو 10.5 بليون دولار، وذلك لأسباب مختلفة أعادها الخبراء المتشائمون إلىأن الاستثمارات الكبيرة سبق أن غادرت البلاد عام 2014، بينما عزا الخبراءالمتفائلون أسباب التراجع إلى أن المستثمرين لم يعودوا يرغبون بمغادرةروسيا وهم بالتالي يساهمون بتعزيز اقتصادها، ويرى هؤلاء أن عمليات الهروبكانت أقل من التوقعات التي أشارت أنها مرشحة لتساوي 118 بليون دولار عام 2015 ونحو 75 بليوناً عام 2016، و53 بليوناً عام 2017، وهكذا يكون التوقعلعام 2017 قد تحقق قبل عامين من ذلك. ولكن رغم ذلك ساهم هذا الهروب بخسائر كبيرة لاحتياطات المصرف المركزي الذيأضطر للتدخل مرات للحد من تدهور سعر صرف الروبل، ببيعه كميات من الدولار،الأمر الذي خفض الاحتياطات النقدية بالعملات الأجنبية من 537 بليون دولارنهاية 2012 إلى 370 بليوناً نهاية 2015، أو بخسارة 167 بليون دولار. ويبدوأن عمليات الاستنزاف لهذه الاحتياطات مستمرة مع استمرار الأزمات الماليةوالاقتصادية والاجتماعية، وتمويل العمليات العسكرية في سورية وزيادة العجزالمالي للموازنة الذي بلغ 1.5 تريليون روبل في النصف الأول من العام الحاليأي أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأنفقت الحكومة لتغطية هذاالعجز نحو 780 بليون روبل من الصندوق الاحتياطي ولم تكتف بذلك بل مولتالجزء المتبقي منه بنحو 245 بليون روبل عبر الاقتراض الداخلي. وفيما يجري فيه التحضير لإصدار سندات خزينة بقيمة تريليون روبل باقتراضداخلي، حذّر وزير المال أنطون سيلوانوف من خطورة هذا الإصدار، مشيراً إلىاحتمال تكرار أزمة عام 1998 في روسيا التي تسببت بالأزمة الاقتصادية و «إفلاس تقني»، فيما نبهت حاكم المصرف المركزي الروسي إلفيرا نابيولنا منمحاولة حفز التنمية الاقتصادية عبر زيادة حجم الاقتراض الذي يضع روسيا فيدوامة التضخم ومصيدة الديون، وإذا كانت نسبة العجز المالي حالياً أربعة فيالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فهي سترتفع إلى ستة في المئة ثم إلى تسعةفي المئة، وهكذا… وتبرز هنا أهمية التخصيص الذي كان محرماً قبل الأزمة، على اعتبار أنها تشملشركات يلعب دخلها دوراً رئيساً في تأمين القسم الأكبر من دخل موازنةالدولة، وأصبحت مطلوبة الآن بقوة وبحجم كبير لتشمل عدداً مهماً من «المؤسسات الإستراتيجية». تبقى الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولي أوردالاقتصاد الروسي من بين أسوأ عشر اقتصادات في العالم لعام 2015 لجهة تراجعالناتج المحلي الإجمالي، واحتل المرتبة العاشرة بتراجع 3.7 في المئة، وجاءاليمن في المرتبة الأولى كأسوأ اقتصاد بعد تراجع الناتج المحلي فيه بنسبة 28 في المئة.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × واحد =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube