https://chinaasia-rc.org/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

-المؤلف: جاكوب غريجل، وأي ويس يتطرق الكاتبان جاكوب غريجل وأي ويس في كتابهما الجبهات الصاخبة إلى التحديات التي تواجه النظام العالمي الذي أرست قواعده الولايات المتحدة وحلفاؤها بعيد انتصارهما في الحرب العالمية الثانية. ويرى الكاتبان أن الولايات المتحدة تواجه اليوم عالما يختلف بشكل جوهري عن عالم النصف الثاني من القرن العشرين وعقود الحرب الباردة، حيث تواجه القوة الأميركية أزمة صعود خصوم ألداء مقابل حلفاء ضعفاء غارقين في مشاكلهم الأمنية الداخلية وأزماتهم الاقتصادية الخانقة، ورغبة في الانسحاب من المسرح الدولي. ويركز الكتاب الذي صدر العام الجاري عن دار نشر جامعة برينستون الأميركية على الواقع الهش للتحالفات الأميركية الإستراتيجية التقليدية مثل الحلف مع أوروبا، حيث تغرق الأخيرة في التحديات التي تواجهها على الصعيد الداخلي بعد سلسلة من الهجمات التي ضربتها في الصميم، وتهدد بهدم كل ما بناه الاتحاد الأوروبي وخاصة أوروبا الموحدة التي تتلاشى بين دولها الحدود لتصبح فعليا على الورق لا غير. والحال نفسه ينطبق أيضا على حلفاء أميركيين آخرين من بينهم اليابان التي تعاني من الشيخوخة نتيجة نظامها المبني على أسس القرن وارتفاع معدل أعمار السكان وركود على الصعيد الاقتصادي، أما إنفاقها نسبة لناتجها القومي الإجمالي، فهو أقل من معظم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي. ويرى الكتابان أن واشنطن قد أهملت في السنين الأخيرة تحالفاتها التاريخية، وهيمن على سياستها يستهين بحلفائها، ويرى أنه يمكن الاستغناء عنهم بسهولة. وبينما يقول الكتاب إن “تكوين الحلفاء لا يعني بالضرورة تحقيق الغلبة”، إلا أنه يلفت الانتباه لحقيقة تقول إن “الانخراط في منافسة إستراتيجية بصورة منفردة هو خلل قاتل”. ويعزو الكاتبان الشعور الأميركي بالقدرة على الاستغناء عن الحلفاء إلى ثلاثة عوامل متجذرة في الإحساس المفرط بالأمان لدى تيار معين من الأميركيين هي البعد الجغرافي والتفوق التقني والاعتداد بالعقيدة. ورغم أن هذه العوامل تعتبر نعمة للولايات المتحدة تمنحها ميزة اختيار الحلفاء وتغييرهم إن اقتضى الأمر، فإنها في الوقت ذاته نقمة عليها، لأنها تولد شعورا بعدم الأمان لدى الحلفاء. ويخصص الكتاب فصلا كاملا للتحديات التي تواجه الهيمنة الأميركية على مستوى العالم وبالذات من الدول التي تسمى في علم السياسة “الدول العائدة” أي الدول التي تطمح باسترجاع أمجادها أو الدول التي تطمح باسترجاع مكانتها القوية في مرحلة ما من التاريخ، ويرى المؤلفان أن تلك الدول تلعب مع الولايات لعبة جس النبض بانتظار لحظة الحقيقة. فمن بحر البلطيق إلى بحر جنوب الصين تحاول “دول مستبدة” ذات عزيمة صلبة إحياء إمبراطورياتها التاريخية على حساب الولايات المتحدة على أمل أن الجدل حول انهيار الولايات المتحدة يتحقق ويصبح حقيقة يوما ما. ويذكر الكتاب أمثلة على تلك الدول هي روسيا والصين وإيران التي رأى أنها تختبر العزيمة الأميركية بتحرشاتها واستهدافها لحلفاء واشنطن الضعفاء إما جغرافيا وديموغرافيا مثل إسرائيل وتايوان أو عسكريا واقتصاديا مثل بولندا وأوكرانيا. ويقدم الكتاب رؤية لأهمية وضرورة لجوء الولايات المتحدة إلى إستراتيجية جديدة وشاملة تقوم على حلفاء أقوياء يكون استهدافهم عسكريا من قبل القوى المعادية مكلفا وشاقا، خاصة بعد أن أظهرت تلك القوى أساليب شرسة في استهداف حلفاء أميركا لاختبار العزيمة الأميركية في أنحاء عدة من العالم، ومدى رغبة القائمين على السياسة الأميركية في الحفاظ على المكانة الدولية للولايات المتحدة. وربما لا يقتصر هذا المفهوم على الدول، حيث تواجه الولايات المتحدة هجمات من كيانات غير رسمية تستهدف ما يسمى بالنظام العالمي الذي أوجدته، وأهم تلك الكيانات تنظيم الدولة الإسلامية الذي ذكره المرشح الجمهوري السابق للرئاسة الأميركية جون ماكين في مؤتمر ميونخ السنوي للأمن حين قال “إنه يحدث أمامنا لأن القوى العائدة والحركات الإرهابية مثل داعش يختبروننا ويهاجموننا ويهدفون إلى إبعادنا في النهاية (…) إن النظام العالمي الذي بنيناه هو ميراثنا الغالي ونعمل على حمايته هنا في ميونخ كل عام، ينهار اليوم”. ويقول الكتاب إنه في ظل التحديات التي تواجه الولايات المتحدة وحلفاءها الذين يعيشون حالة من القلق المشوب بالخوف من المستقبل، فإنهم يسعون لتعزيز إستراتيجياتهم للأمن القومي وربما حتى التحالف مع القوى التي تستهدفهم نتيجة الشرخ الذي أصاب تحالفاتهم مع واشنطن، ونتيجة لذلك تقوم قوى عظمى متوقعة باستخدام أساليب مختلفة لاختبار القوة الأميركية في مناطق عديدة في آن واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 − واحد =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube